موسم حج 2024 يستعد للانطلاق.. 100 عام من رعاية ضيوف الرحمن في السعودية
وخلال قرن من الزمان، نجحت قيادات المملكة منذ المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود وصولا إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان في مواجهة التحديات لتيسير أداء الفريضة على زوار بيت الله الحرام.
وعلى مدى 100 عام واجهت السعودية تحديات وقضايا صاحبت تنظيم مواسم الحج والإشراف عليها، ونجحت في تطوير وإدارة (الحشود، والأزمات، والموارد، والمشاريع، وغيرها من المجالات)، برعاية وإشراف مباشرين من خادم الحرمين الشريفين.
وفي عهد الملك المؤسس، قدّم الملك عبدالعزيز آل سعود قائمة طويلة من المنجزات لحجاج بيت الله الحرام، بداية من تحقيق الأمن لأداء الفريضة، وتوسعة وعمارة الحرمين الشريفين، وانتهاء بتوفير جميع الخدمات والموارد لضيوف الرحمن وتهيئة جميع السبل لراحة لقاصديهما.
وعلى مدار سنوات، أنفقت حكومة المملكة مئات المليارات من الريالات على مشاريع الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، إضافةً إلى ما تنفقه من ميزانيات تشغيلية سنوية بعشرات المليارات من الريالات.
برنامج “خدمة ضيوف الرحمن”
عناية فائقة وجهود جبارة بذلها ملوك السعودية لإنجاح مواسم الحج المتعاقبة ومواجهة التحديات الشرسة التي كانت تجعل “الحج دربا من الاستشهاد”، وأحدث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز نقلة نوعية في ملف رعاية ضيوف الرحمن.
البداية كانت بعد عام من توليه مقاليد الحكم 23 يناير/كانون الثاني 2015، بإطلاق الملك سلمان “رؤية 2030” في عام 2016، وهي خارطة طريق لرسم مستقبل البلاد وتقود لنهضة شاملة في مختلف المجالات، والتي تضمنت برنامج “خدمة ضيوف الرحمن” الذي أطلق تحت مظلتها في عام 2019.
ووفقا للموقع الرسمي لبرنامج خدمة ضيوف الرحمن، فإنه أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030، ويأتي إطلاقه امتداداً لشرف خدمة الحرمين الشريفين من ملوك هذه البلاد منذ عهد المؤسس.
ويتمثل دوره في “إتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من المسلمين لأداء فريضتي الحج والعمرة على أكمل وجه، والعمل على إثراء وتعميق تجربتهم، من خلال تهيئة الحرمين الشريفين، وتحقيق رسالة الإسلام العالمية، وتهيئة المواقع السياحية والثقافية، وإتاحة أفضل الخدمات قبل وأثناء وبعد زيارتهم لمكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة، وعكس الصورة المشرِّفة والحضارية للمملكة في خدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن”.
ولأن ضيف الرحمن يمر بأكثر من 200 نقطة اتصال في رحلته إلى الحرمين الشريفين، فإن البرنامج درس كل نقطة بكامل تفاصيلها وأعاد من خلالها تصميم هيكلته بناءً على رحلة ضيوف الرحمن لتعظيم تجربتهم من الفكرة الأولى حتى عودتهم إلى بلادهم بأطيب ذكرى عبر 3 مراحل، وفقا للموقع.
الحج في زمن كورونا
ليس هذا فحسب، بل تجلت النقلة النوعية التي حققتها المملكة في ملف الحج مع أزمة فيروس “كوفيد-19″، التي أعاقت العالم وعطلت الحياة اليومية لكن على أرض المملكة كان الوضع مختلفا.
ونجحت الحكومة السعودية في تنظيم الحج على مدار موسمين متتالين (2020 و2021) في ظل جائحة كورونا، وحققت نتائج أبهرت العالم عندما احتشد الآلاف داخل الحرم المكي دون تسجيل أي إصابات أو عدوى.
ووفقا للأرقام التي أعلنتها الحكومة السعودية بشأن الحج 2022، ثاني موسم يعقد في ظل الجائحة الوبائية، فإنه لم تسجل أي إصابة بفيروس كورونا أو أي أمراض وبائية أخرى لنحو 60 ألف حاج من 150 جنسية.
الحج وتسخير التكنولوجيا
من أهم منجزات ملف الحج ضمن برنامج “خدمة ضيوف الرحمن” إطلاق التأشيرة الإلكترونية للحجاج والمعتمرين خلال الفترة بين 2019 و2021، ما أسهم في تقليص مدة الحصول على التأشيرة من 14 يوماً إلى 5 دقائق.
أيضا من ضمن الإنجازات إعادة هيكلة شركات أرباب الطوائف للتحول من مؤسسات أفراد إلى شركات، وإطلاق “شركة كدانة للتنمية والتطوير”؛ لتكون الذراع المختص بتطوير وتنمية المشاعر المقدسة بمدينة مكة المكرمة.
كما جرى رفع الطاقة الاستيعابية للمشاعر لإتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من المسلمين لأداء فريضة الحج على أكمل وجه، وتهيئة المشاعر المقدسة وحماها والاستخدام الأمثل لها على مدار العام.
وخلال موسم الحج 2021، نجحت المملكة في التوسع في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي على مختلف الأصعدة الأمنية والصحية والدينية، إذ وظفت تقنيات الروبوتات الذكية لخدمة حجاج بيت الله الحرام والارتقاء بمنظومة العمل وتميزه، وبما يساعدها في تطبيق الضوابط والإجراءات الاحترازية التي اتخذتها لمواجهة كورونا.
وتم خلال موسم الحج إطلاق “روبوت” لتوزيع ماء زمزم و”روبوت” أمني و”روبوت” شخصي، و”روبوت” للفتوى وآخر للتعقيم، كما يحقق “روبوت الفتوى الآلي” التواصل المرئي (عن بُعد) بين السائل والمفتي على مدار 24 ساعة، وتقديم التوعية والإرشاد التي يحتاجها الحجاج طيلة الموسم.
كما طوعت المملكة التقنية في تعقيم المسجد الحرام، بتوفير “روبوت” لتعقيم مساحات أوسع وتغطية جنبات المسجد الحرام، وأطلقت سوار الحاج الذكي “نسك” وهو على هيئة ساعة يضعها الحاج حول معصم يده، ويسمح بمتابعة ورصد بيانات الحالة الصحية المتعلقة بقياس نسبة أكسجين الدم ونبضات القلب.
هذه الإنجازات ما هي إلا لمحة توضح كيف أولت السعودية اهتماما بالغا بضيوف الرحمن وسخرت الإمكانيات المادية والبشرية والتكنولوجية كلها لتسهيل أداء الفريضة لأكبر عدد ممكن من الحجاج وبأيسر الطرق.