الدرعية الرمز الأثري الرئيسي لتاريخ المملكة.. تقرير فرنسي استخباراتي يكشف أول خريطة لها
من أعماق واحة خضراء، حيث تتدفق البساتين والمزارع، وتنمو النخيل المثمرة، يبرز التاريخ العريق للدرعية في الشمال الغربي لمدينة الرياض على بعد 20 كيلومترًا.
في هذا المكان، وسط صحراء عربية، وعلى ضفاف وادي حنيفة، أسس الإمام محمد بن سعود قواعد حكم الدولة السعودية الأولى. هذا الأساس الذي نشأ عنه ازدهار حضاري لم يسبق له مثيل في المنطقة، واستمر تأثيره لمئات السنين.
تاريخ الدرعية يعود إلى عام 1446م، عندما استقر مانع بن ربيعة المريدي من بلدة صغيرة بجوار القطيف في هذا المكان الخصب على ضفاف وادي حنيفة. مع مرور الوقت، اتسع نفوذه وازدادت مزارعه.
مع توسع الدولة السعودية الأولى وتطور العمران وزيادة الأمان، ازدهرت العمارة في الدرعية. وكانت المنطقة محطًا للأمراء ورؤساء القبائل والسفراء. واشتهرت الدرعية بأنها مركز للاستقرار والأمان والرخاء.
أحياء الدرعية
تضم الدرعية العديد من الأحياء الرئيسية، بما في ذلك حي الطريف، الذي يحتوي على قصر سلوى، والذي كان مقرًا لشؤون حكومة الدولة السعودية الأولى وهو جزء من التراث العالمي لليونيسكو.
كما يشمل حي البجيري جامع الشيخ محمد بن عبدالوهاب ومدرسته. ويقع حي السريحة شمال حي البجيري، ويتضمن بيوتًا ومزارع ومسجد السريحة، وهو أحد أقدم المساجد في الدرعية. أما حي غصيبة، فيُعد العاصمة الأولى للمنطقة، وهو محاط بأسوار مشيدة بالصخور.
وتعتبر الدرعية التاريخية مكانًا يمكنك فيه تجربة رحلة عبر الزمن، حيث تمزج الأحياء القديمة والآثار لتشكل نسيجًا متناغمًا.
وتتيح للزوار فرصة الوقوف أمام أبواب القصور التي تمثل بداية فترات زمنية تاريخية. وتقام العديد من الفعاليات والأنشطة على مدار العام في مرافق الدرعية، مما يضفي عليها طابعًا خاصًا وحيوية.
الرمز الأثري الرئيسي
وتعد الدرعية الرمز الأثري الرئيسي لتاريخ المملكة العربية السعودية، ويمتد عمرها إلى قرابة 6 قرون، ومنذ 3 قرون تحديداً أصبحت عاصمة الدولة السعودية الأولى.يقول الدكتور محمد العبداللطيف، المشرف على مكتب إدارة المشاريع المؤسسي بدارة الملك عبدالعزيز، في لقاء مع برنامج “إرث” على قناة “السعودية”: “في عام 850 هجرياً، الموافق 1646 ميلادياً، قام جد الأسرة المالكة الأمير مانع بن ربيعة المريدي، بتأسيس الدرعية في قلب وادي حنيفة. هذا التأسيس يعكس أهمية هذا الوادي وقوة تأثيره كونه أهم مراكز الاستقرار ويوفر أبرز أساسيات الحياة كالتربة الخصبة والمياه كما أنه ممر للقوافل التجارية وقوافل الحج”.
تاريخ الدرعية
وتاريخ الدرعية لا يُحكى فقط من خلال كتابات الرحالة والمؤرخين بل لكل قصة صدى داخل واديها الخصب وبين نخليها التامر ويسكن بيوتها المهدمة.
يقول الدكتور آدم ويلكنسون، رئيس قطاع التراث في هيئة تطوير بوابة الدرعية، في مقابلة مع برنامج “إرث”، إن وادي حنيفة واحة مميزة وتعد مصدراً للحياة، إذ كانت هناك حياة في هذه المنطقة لمدة طويلة. وتأخذنا الوثائق الأثرية إلى أعماق التاريخ، إلى العصر الحجري”.
وتابع أن هناك أدلة على أن استيطان المكان يعود لآلاف آلاف السنين. “لدينا الآن جزء من تلك القصة، وعلى مدى الأعوام القادمة سنواصل أبحاثنا المستفيضة لكي نفهم كيف كانت قصة علاقة البشر بالأرض حقيقة ولنفهم المزيد عن الأسباب التي جعلت الدرعية تصبح العاصمة، ولماذا لم تكن مدينة أخرى؟ ولماذا كانت هنا؟ لأن ما نجده علاقة مدهشة بين المناطق الزراعية والمناطق الحضرية”.
وفي داخل الأرشيف الدبلوماسي الفرنسي في باريس، كشف البرنامج عن أول تقرير فرنسي استخباراتي عن الدولة السعودية الأولى وأول خريطة رُسِمت للدرعية ووادي حنيفة في التاريخ.
كُتِب التقرير سنة 1803 للميلاد وهو يتحدث عن الدولة السعودية الأولى بعد الإمام عبدالعزيز بن محمد، وتحديداً 1218 للهجرة، وهو مؤلف من 18 صفحة مكتوبة باللغة الفرنسية.